لا شك أن المفهوم التقليدي للشرطة ولمهامها واختصاصاتها يرتكز بالأساس على مبادئ أساسية يأتي على رأسها حفظ الأمن والسلم العامين والسهر على حماية الأشخاص والممتلكات والحيلولة دون الإخلال بالنظام العام والسكينة العامة ومحاربة الإجرام والانحراف وتدبير مجال السير الطرقي وفق التحديد القانوني الذي رسمته الدولة عبر مرسوم لمديرية الأمن العمومي بالمغرب، تنضاف لها المهمة الزجرية فيما يتعلق باختصاصات الشرطة القضائية.
وهي بالتأكيد جملة من الاختصاصات النوعية ذات الأهمية، والتي تتطلب من مختلف العناصر الأمنية التابعة للمنطقة الأمنية لمدينة ازمور التجند والاستنفار من أجل تحقيقها وتنزيلها عمليا على أرض الواقع.
والواقع أن السمة الغالبة على النقاش العمومي المتابع للوضع الأمني بالمدينة ترجح كفة التفاؤل أكثر من التشاؤم، على اعتبار الإحساس الفعلي للساكنة بسير الأوضاع الأمنية بالمنطقة نحو التغيير الإيجابي، بفعل نجاعة التدخلات ووضوح الاستراتيجية الأمنية المتبعة.
الشيء الذي يمكنه أن يساهم في تحسيس المواطنين بأهمية المجهود المبذول من طرف الشرطة من أجل توفير الأمن لهم، أي محو تلك الصورة النمطية التي باتت لصيقة بعناصر الأمن ازمور والتي مفادها أنهم لا يتدخلون إلا ” إيلا كاين الدم “.
هذه المقولة الأخيرة تدفعنا إلى استحضار المجهودات التي يمكن ملامستها وقياسها أيضا بشأن التدخلات الوقائية التي تبذلها عناصر شرطة ازمور بمساعدة بعض رجال الامن الإقليمي بالجديدة في بعض الأحيان.
لا شك أن نجاعة أية مقاربة أمنية لأي جهاز أمني، لن تكون في المستوى المطلوب وفي مستوى انتظارات الساكنة إلا إذا انتفت جملة من الإكراهات والمعيقات التي تحول عادة دون تحقيق النجاعة الأمنية المطلوبة.فإن الواجب يحتم الأخذ بعين الاعتبار لحجم الإكراهات التي تعيق عمل العناصر الأمنية التابعة لمنطقة أمن ازمور.
إكراهات متعددة يصعب على غير ذوي الاختصاص الإلمام بمختلف تجلياتها، إلا أن أبرز تمظهراتها لا يمكن للعين المجردة أن تخطئها، ومنها على الخصوص قلة الحصيص العامل بالمنطقة و غياب وسائل العمل اللوجستيكية الضرورية، و نقص في البنيات التحتية و التجهيزات الأمنية الضرورية.
فبالنسبة للحصيص الأمني أو الموارد البشرية، لا شك أن ما يلاحظه المتتبع للشأن الأمني بالمنطقة هو قلة عدد عناصر الأمن التابعين للمنطقة الأمنية لازمور، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار الكثافة السكانية للمدينة والنمو الديمغرافي المطرد وتوافد جحافل بشرية من المداشر المجاورة لمدينة آزمور.
فيما يأتي مشكل غياب وسائل العمل اللوجستيكية الضرورية ثاني المعيقات التي تحد من نجاعة أية استراتيجية أمنية يرسمها رجال الامن بازمور، وذلك بالنظر إلى احتشام عدد الآليات التي تحتضنها حظيرة السيارات والدراجات النارية التابعة للمنطقة الأمنية على سبيل المثال.
أما على مستوى البنيات التحتية والتجهيزات الأمنية فالأكيد أن المنطقة الأمنية لمدينة ازمور في أمس الحاجة إلى إعادة النظر فيها، خصوصا فيما يتعلق بعدم صلاحيات البنايات التابعة للأمن الوطني بالمنطقة لإيواء مقرات أمنية تليق بهيبة هذا الجهاز وسمعته، بدءا بمقر الشرطة القضائية عبارة عن بناية متهالكة ؛ في انتظار فتح وتدشين البناية التي مازالت في طور الإنجاز
هي إذن جملة من المعيقات والإكراهات الموضوعية التي لن ينفع معها التخطيط الأمني لمدينة ازمور؛ إنما هي مشاكل حقيقية تستحق فعلا أن تدرج ضمن جدول أعمال الدوائر العليا على مستوى تدبير الشأن الأمني مركزيا.
حيث لا يمكن لهذه المعيقات التي تفرض نفسها بقوة إلا أن تأتي بنتائج عكسية على مستوى النجاعة والمردودية الأمنية بالمدينة.