عبدالمجيد مصلح
خلف الخطاب الملكي الأخير آثارا متميزة بين صفوف الجالية المغربية بالعالم ووجدها بعض المحللين السياسيين فرصة سانحة للغوص في قراءات معمقة لأبعاد هذا الخطاب التاريخي الذي أعاد لمغاربة العالم ثقتهم بالوطن بعدما خلفت بعض السياسات العقيمة آثارا سيئة بين أسر وعائلات الجالية المغربية خاصة ما يتعلق منها بالخدمات والقضايا الإدارية وملفات المحاكم وشؤون أحوال الأسرة وغيرها من القضايا التي أرقت مغاربة العالم لتنتقل آثار هذه السلوكات إلى الجيل الرابع والخامس وكلها صور مقيتة تفصل هؤلاء المواطنين عن وطنهم وتكرس الصور النمطية عن المغرب والتي نحن في غنى عنها أمام مؤامرات أعداء الوطن وخصوم وحدتنا الترابية .
ما يهمنا في هذا التقديم هو أن الجالية المغربية ليست مستاءة فقط مما يقع من إهمال لقضاياها وعرقلة خدماتها ببعض الإدارات المغربية خاصة ما يتعلق منها بالاستثمار وتسهيل مساطيره، بل هناك أمور تحصل حتى داخل بعض القنصليات المغربية بأوروبا رغم وجود تجديد في عقليات بعض القناصلة وموظفيهم وجودة خدماتهم لكن يبقى ذلك فقط في بعض القنصليات التي يديرها قناصلة متمرسين ذوي خبرات عالية في مفهوم الدبلوماسية والحكامة المطلوبة فيها، وحتى نضع الأصبع على مكمن الخلل نجر الحديث هنا عن القنصلية العامة بمدينة “أونفيرس” المملكة البلجيكية، وما يُحاك عنها وتلوك به ألسنة المهاجرين المغاربة سرا وجهرا وحتى داخل البيوت وفي المقاهي، فرغم حداثة التسيير الجديد في قنصلية “أونفيرس” واستبدال قنصل بآخر لازالت هناك أمور يستاء منها مغاربة “أونفيرس” وتتمثل في ظهور عنصرية إقليمية تسير بأربعة قوائم داخل مكاتب هذه القنصلية يفسرها بعض المواطنون على أنها مقصودة وقد تأثر بها العديد من المهاجرين المغاربة الذين لايتكلمون الأمازيغية (الريفية) وهذا خطير للغاية ويخلق انشقاف بين أبناء البلد الواحد ناهيك من أنك تشعر بشيء من الخوف وأنت داخل القنصلية لكونك من مدن الداخل ولست من الناظور أو الحسيمة ونحن يا حسرة جميعا إخوة يجمعنا وطن واحد متعدد الثقافات واللهجات والألوان، ومن الواجب تقول الشكايات الشفوية لمغاربة “أونفيرس” أن يتمتع القنصل العام بسعة الصدر واحتضان الجميع تحت دراع واحد دون تفضيل عرقي، والعنصر الثاني الذي يجب فتح القوس فيه هو أن هناك تهميش صارخ للكفاءات المغربية بمدينة “أونفيرس” رغم أن الملك محمد السادس حفظه الله أشار في خطابه السامي إلى الاهتمام بالكفاءات المغربية وإشراكها في مسلسل التنمية الوطنية، فلحد كتابة هذه الأسطر لم يتم الإهتمام بهذه الأطر ولا حتى الإنصات إليها في لقاءات تفيدهم وتفيد وطنهم وهذا ما يولد النفور ويقتل في هذه الكفاءات حب المشاركة والتشارك وأخذ المبادرات الإنتاجية .
لقد وصل إلى علمنا أن السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، سيقوم بزيارة خاصة إلى المملكة البلجيكية، باعتباره وزيرا لمغاربة العالم، وقد بدأت الترتيبات السرية لتشكيل لائحة خاصة من ذوي القربى والمعارف والأصدقاء يمثلون جمعيات المجتمع المدني كما تروي القصاصات المسربة! وهذه اللائحة هي من ستحظى بمقابلة ناصر بوريطة وفي هذا شأن خطير قد يفسد هذه الزيارة إن لم تكن معقلنة وحكيمة، ويحكى أن قنصلية “أونفيرس” ترتب لائحة خاصة تضم أناس خاصين من المقربين! من مكتب القنصل العام ولاندري كيف ستكون انعكاسات هذه الأمور في أوساط جمعيات المجتمع المدني والنشطاء الوطنيين الذين يدافعون عن قضايا المغرب في كل مرة وأشار إليهم الملك محمد السادس في خطابه السامي بالإشادة والرفعة، لقد بات من الضروري أن يتم الإنتباه إلى هذه الشطحات بشيء من الحزم والصرامة، فقد حسم الملك محمد السادس في خطابه حسما حكيما يليق بمقام وقيمة أبنائه من مغاربة العالم وعلى المسؤولين الدبلوماسيين تنزيل هذا الخطاب بما يفيد مصلحة البلاد لا أن يتصرف القنصل على مزاجه وعقلية عرقه وقبيلته لأن عهد الإقليمية انتهى بعدما أخذت اللغة الأمازيغية (الريفية) مكانتها في الدستور المغربي ولسنا بحاجة إلى محام يفصل شمال المغرب عن جنوبه ويقدم الأمازيغي (الريفي) عن المراكشي والعروبي فنحن جميعا أبناء المملكة الشريفة والحمد لله أن غنى هذا البلد هو ما وحد قلوبنا وجعلنا جسد واحد إذا اشتكى عضو فيه تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى .
وللإشارة فقد بلغ إلى علم الموقع الالكتروني “الأخبار المغربية” أن وزارة الخارجية اقتنت قنصلية جديدة بمدينة “أونفيرس” يحكى عنها أنها كبيرة المساحة ومكانها مشرف، ونحن بدورنا نحيي هذه المبادرة الجيدة لكننا لانعرف كيف وبكم تم شراء هذه البناية التي هي في الأصل من أموال الخزينة فكم من بناية تم اقتناﺅها بالخارج تعود لوزارة الخارجية والتعاون وهي أرض وبقعة مغربية يرفرف فوقها العلم المغربي وأفراد الجالية لا يعرفون ثمنها إلا من خلال الأرقام التي تتداولها ألسنة الشارع، نتمنى أن يكشف الستار عن طبيعة هذا المقر الجديد وأن تتحلى أمور أمواله بالشفافية حتى يطمئن قلب مواطني الخارج وندخل فعلا في زمن الشفافية والديمقراطية الجديدة تماما كما تفعل الدول الغربية، ولنا عودة إلى هذا لاحقا .