عرّت جائحة «كورونا» البنى الهشة لمجمل فروع أحزابنا بمدينة آزمور ،اذ لم يرى المواطن لمختلف التشكيلات السياسية من دور يذكر في الجهد الوطني المبذول لمجابهة تداعيات الازمة التي تعيشها البلاد.
تبخرت أحزاب الطيف السياسي في الفضاء، فلم يعد لها وجود في زمن المحنة التي أصابت المنطقة هذه الأيام بسبب مرض “كورونا”، شأنه شأن سائر المدن المغرببة، فلا هي وجهت رسائل تحسيسية لمنتسبيها و الساكنة تطلب منهم الانخراط والالتزام بالحجر الصحي.حيث فضلت أسلوب السلحفاة، حين تخش رأسها في القوقعة.
فالمواطنون يبحثون عن وطن قوي، بجسم حزبي سليم وقادر على مواجهة التحديات الآنية والمستقبلية. أما الهوان الذي أصبحت عليه أحزابنا اليوم، فلا يمكن السكوت عنه أيا كان دورها في ترسيخ العمل الديمقراطي.
فاقد الشيء لا يعطيه!!!!
كل ما تقدم ذكره لم يحصل لأن فاقد الشيء لا يعطيه، اذ أن الاحزاب السياسية كانت غائبة في مؤازرة المواطنين في هذه الجائحة بما رسّخ انطباع شعبي عام بأن معظم التشكيلات السياسية لها نزهة انتهازية ووصولية تظهرها في المحطات الانتخابية طمعا في تعبئة الاصوات وسرعان ما تتنكر للوعود التي اطلقتها زمن الحملات.
كما أنّ غياب الدور الاجتماعي في سلوك الاحزاب السياسية كان لافتا لفترة ماقبل انتشار وباء كورونا، اذ تعالت الاصوات الناقدة لهشاشة البنى الحزبية في آزمور التي تشكّل جزء منها بشكل سريع وفق مصالح ضيقة ورؤى أضيق، فالأحزاب السياسية لا ينبغي لها ان تكتفي باصدار المواقف فحسب بل أن تساهم بشكل ملموس في الجهد التأطيري ومرافقة المواطنين في الحصول على الخدمات الاساسية ونحوها.
فمن الناحية النظرية يمكن لجائحة كورونا أن تكون لها تداعيات على التنظيمات الحزبية التي ستفقد مصداقيتها مستقبلا بسبب جلوسها على الربوة ،هذه التداعيات لا يمكن التنبؤ بها خاصة وأن البناء الحزبي عموما يقوم على النفوذ المالي والولاءات الفرعية التي تعبأ بها معظم الاحزاب الاصوات والقواعد، فالأحزاب القائمة على فكر ومشاريع هي الوحيدة التي يمكن ان تكون في موضع احراج ان تقاعست عن لعب دورها أما التي نشأت لمصالح ضيقة فانها لا تهتم كثيرا بمسألة اعادة صياغة العقد الاجتماعي.
في المحصلة، ولئن يثمّن الجميع تفادي الاحزاب السياسية مواصلة التجاذبات السياسية والانقسامات في سياق تحقيق الوحدة الوطنية المنشودة، فإن المطلوب منها مزيد الالتصاق بالمواطنين ولعب أدوار متقدمة واستغلال الازمة ايجابيا في القطع مع الصورة النمطية التي تضع كل الاحزاب في سلّة واحدة عنوانها أحزاب الانتهازية