قال تعالى: “يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ”
عبدالمجيد مصلح
ذهلنا حينما وجدنا أنفسنا وجها لوجه مع تصريحات في مقاطع فيديو صادرة عن الجهاز الأمني المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، وهو الجهاز الذي عودنا نشر أخبار تفيد مكافحة الإرهاب والعمليات الإجرامية الدولية الكبرى، جهاز صار في ركب الأجهزة الدولية المشهود لها بالكفاءة العالية وجهاز يدفعنا للفخر في الداخل والخارج فيه رجال صدقوا ما عاهدوا وطنهم ومهاهم عليه، منهم من أصاب ومنهم من عمت بصيرته واختلط عنده الحابل بالنابل وهو موضوع ملفنا اليوم .
حينما تابعنا خبر فيديو الإدارة العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، لاحظنا حجم العملية التي أجهضها فريق العمل في الجهاز المخابراتي المعروف اختصارا ب”لاديستي” كان دماغه معلقا ما بين حجم العملية ومن كان يُدير خيوطها وهو الموظف بجهاز مخابراتي يقام ويقعد له، فصعب علينا فصل المتهم عن الإدارة وهنا دارت رحى الأسئلة هل كان لزاما على جهاز “لاديستي” أن يربط المتهم بالجهاز؟ ثم إن حجم الملف الذي تم عرضه على الرأي العام سيدفع لطرح أسئلة بطعم الإتهام في كل الجهاز لطبيعة تعقيد هذه الجريمة العابرة للقارات، أما كان على المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني السيد عبداللطيف الحموشي، أن يكتفي بالإعلان عن رجل يشتغل بالمديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، وهي جامعة شاملة دون الغوص والخوض في تفسير الواضحات وخوفا على سمعة جهاز نحن نستنشق منه العز الأمني ونتباهى به خارج الوطن، لماذا لم نستحضر ما قاله المولى جل وعلا حينما سأله سيدنا نوح أن يحمي ابنه الذي امتنع ركوب السفينة معه، فأجابه الله: “يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ” أعتقد أنه فعلا ليس من أهل مراقبة التراب الوطني (وعددهم كُثر) إنه عمل غير صالح ولا يمكن أن ينسبه الجهاز إليه بعد فعلته هذه، وهو الأمر الذي كان على القسم الذي قام بإخراج وتوضيب الفيديو، أن يدركه قبل نشر الخبر الذي فعلا أضر بالجهاز قبل أن يشوه صاحب الفعلة الإجرامية .
لقد كانت عملية محاصرة جهاز الأمن لهذه الخلية الدولية وإحباطها كاملة عملا إستباقيا مهنيا بامتياز واعتبرها الرأي العام إنجازا أمنيا غير مسبوق في الوقت الذي ظنت فيه الشبكة الدولية الإجرامية أن المغرب فارغ من المراقبة بسبب جائحة كورونا، لكنه مجنون من يظن أن عيون جهاز “لاديستي” تنام في عز صحوة عيون الذئاب، فليست المرة الأولى التي يطيح فيها الجهاز بخلايا عدوانية إجرامية وخونة ولكن وحتى لاننسى أن فضيحة ثابت أطاحت بالشخص ولم تمس هيبة المؤسسة الأمنية، لأن أي إدارة أو جهاز لايمكن أن يضم أشخاص من طينة الأنبياء، ولايمكن لأي إدارة أن تقيس عمق ضمائر موظفيها وتشق على بصائرهم فقد شهد التاريخ رؤساء دول ليست بالبعيدة عنا كانوا أمراء فساد وجرائم وسرقات وعمليات مشبوهة وحينما افتضح أمرهم أزيحوا من مناصبهم العاجية واستمرت الدولة برجالها، ونحن ومن خوفنا على هذا الجهاز المتميز نريد أن يظل شامخا ويبقى اسمه منقوشا في دفاتر الأمن الشريف، ولكل مخطئ أو مذنب مكان للعقاب والإدارة تستمر برجالها لا بخونتها.