الأستاذة : عزيزة بروك
عندما تصبح فكرة المنتحِر عن الحياة أسوء بعدما كانت فكرته عن الموت سيئة وتتعاظم أوجاعه وتتأزم أوضاعه ويَجرفه تيار المشاعر السلبية ويَتلاطم مع الذنوب ويَرتطم بالأخطاء ويُهَيَّأ له من أمره فقط السواد ويَغرق في بحر الشك ويَستسلم للأوهام ويَهيم في المخاوف ويَفقد السيطرة على ذاته، يتعب ويَتعذب بسبب القلق والشعور الحاد بالذنب …
فاجعة موجعة، فراغ، مغالطات، إفلاس، بؤس، يأس، اضطراب، اغتراب، اكتئاب، إحباط، احتياج للإنقاذ، اجتياح للأفكار القهرية، ضغوطات نفسية تراكمية، غياب المساعدات الضرورية، … هذا الخراب النفسي والدمار العاطفي والقهر والظلم والاعتداء والكفر والنهب والسلب والشتات والمَسّ بالذات … عوامل قد تُقنع المنتحر بالمبرر لإيقاف العمر ويطلق إشارات بالرغبة في هجر الحياة.
كما تجدر الإشارة إلى أن أهل المنتحر يلحقهم الأذى وتلاحقهم مشاعر الخزي لأن الانتحار وحتى المرض النفسي مازالا وصمة عار في مجتمع غير واعٍ بخطر الاحتقار.
سؤال موَجّه لمن كانت له أيادي خفية في الوصول المبكر للمنتحر إلى القبر: أما كان لك أن تنأى بنفسك بعيدًا عن صناعة الحفر؟ أما كان لك أن تقدّم يد العون وتعبِّد الممر للعابر والمضطر وتمحو الضيق وتوسّع الطريق؟
قد تُسهم في ذلك الهشاشة النفسية والعلاقات الاجتماعية غير الصحية والفهم الخاطئ لحاجيات الذات وتوالي الخيبات والانكسارات …
وفي انتظار الإنجازات والانتصارات، يحشد العاشق للحياة الصبر ويدبر العمر ويتصالح مع القدر ويتحاشى سماع كل ما فيه ضرر ويروِّح عن النفس ويبعدها عن الزّعل والمَلل ويعطي للأيام والأعوام فُرصاً أخرى لإصلاح ما أفسده الإنسان لا الزمان.